الحياة الاقتصادية
إن المتتبع لأطوار تاريخ مدينة نول لمطة بالجنوب المغربي
يدرك مدى الأهمية التاريخية لهذه المدينة على كل المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكذا الأثرية، فهي تعتبر من أشهر المدن التاريخية القديمة التي لعبت دورًا مهمًا في المنطقة على المستوى المحلي والعالمي، بفضل تداخل بنياتها البشرية مع عوامل اقتصادية وسياسية وأخرى ثقافية، لتراكم لنا بالتالي تجربة تاريخية من خلالها يمكن الاطلاع على تاريخ الجزء الجنوبي من المغرب على فترة تمتد من العصر الوسيط إلى منتصف القرن العشرين. فقد عرفت هذه المدينة مرور واستقرار أجناس بشرية عديدة ابتداء من مرور التجار الفينيقيين ومجاورة اليهود المستقرين في الصحراء الأطلسية، ثم استقرار الجزوليين واللمطيين، وبالتالي إمكانية وجود مسميات جديدة للمدينة حسب التطورات التاريخية لم يصلنا منها إلا اسمي نول لمطة الوسيطي وأسرير المعاصر، ومما يدل على قدم الاستقرار والتأسيس هو ما تؤكده الرواية الشفوية حول المسار التجاري للبلدة الذي يعود لـ 1400 سنة، وهو ما يتوافق مع ظهور الإسلام بشبه الجزيرة العربية، ولعل الأدارسة هم الذين أدخلوا الإسلام إليها، حيث أصبحت آخر مدن الإسلام في المغرب. ورغم الامتداد التاريخي لهذه المدينة، فإمكانية تحديد فترة تأسيسها تبقى مهمة صعبة لن يحسم فيها إلا البحث الأركيولوجي للمنطقة، خاصةً أن المصادر والمراجع القديمة لم تتناول موضوع تأسيس هذه المدينة بدقة باستثناء بعض المعلومات حول الأجناس البشرية التي وطئت المنطقة، ويمكن بالتالي اعتبار دخول الإسلام إليها أهم معيار يحدد قدم الاستقرار بها. عمومًا فقد لعب موقع نول لمطة الجغرافي دورًا مهمًا في ازدهارها، إذ يسر قربها من المحيط الأطلسي وصول بضائع إليها من السفن التي ترتاد ميناء مصب وادي أساكا، الذي أسس به الرحالة الفينيقي حانون وكالة تجارية سنة 410 قبل الميلاد على رأس ستين سفينة، كما أصبحت واحدة من أهم الطرق التجارية للدولة المغربية في العصر الوسيط، واستمر ذلك إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
محمد الصافي، "جوانب من التاريخ الاقتصادي للجنوب المغربي: مدينة نول لمطة نموذجًأ".- دورية كان التاريخية.- العدد الثامن والعشرون؛ يونيو 2015. ص 17 – 24.
كلمات مفتاحية: وادي نون، قبائل صنهاجة، قبائل تكنة، صناعة الدرق، قرية أسرير